تحت شعار "الصحة والعافية للجميع"، نظمت دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، ندوة الصحة النفسية الثالثة بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار. وفي كلمتها الافتتاحية أكدت مريم القصير مدير إدارة التثقيف الاجتماعي، على ضرورة الوعي بأهمية الصحة النفسية، داعية إلى العمل معاً لنشر الفهم والرعاية بالصحة النفسية ومساعدة بعضنا البعض على العيش بحياة صحية وسعيدة. وقالت القصير: "إن الصحة النفسية تعتبر أمراً مهماً جداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي العالم أجمع ولها أهمية كبيرة للعديد من الأسباب منها، الرفاهية الشخصية حيث تلعب دوراً حاسماً في جودة حياة الفرد، كما تساهم في زيادة السعادة والرضا الشخصي، كما تؤثر على الإنتاجية والأداء من خلال العمليات النفسية الجيدة التي تعزز هذا الجانب في المجتمع والعمل، كما تؤثر في تعزيز التفاعل الاجتماعي الإيجابي والعلاقات الصحية بين الأفراد. ومن شانها أيضا أن تقي من الأمراض لكونها تؤثر على الضغط والتوتر النفسي. لذا تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً للصحة النفسية وتعمل على تطوير خدمات الرعاية النفسية، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات والبرامج للتوعية بأهمية الصحة النفسية وتقديم الدعم المناسب للأفراد". كما تناولت مريم القصير دور الصحة النفسية في تحقيق جودة الحياة، والتي تعني رضا الفرد عن مختلف جوانب حياته وهدفا مهما في تطوير المجتمعات، وقالت أن جودة الحياة تتأثر باتخاذ قرارات صحيحة وبالأداء اليومي للعلاقات الاجتماعية والتعامل مع الضغوط بالإضافة إلى التوازن العاطفي، مشيرة إلى أن الصحة النفسية تؤثر على الحياة اليومية للإنسان وهذا يشمل العلاقات الاجتماعية والصحة الجسدية. ويضمن تمتعنا بصحة عقلية مثالية تحقيق راحة عاطفية ونفسية واجتماعية لأنها تحدد كيف تفكر وتشعر وتتصرف، كما أنها تساعد في تحديد كيفية تعاملنا مع التوتر والتفاعل مع الآخرين، واتخاذ القرارات الجيدة. الصحة النفسية لكبير السن وشارك في الملتقى نخبة من الدكاترة الأخصائيين والمعالجين الذين قدموا أوراق عمل تناولت، كيفية تعزيز الصحة النفسية لكبار السن والأزمات النفسية، قدمتها الدكتورة سلوى السويدي استشاري طب الأمراض الباطنية وطب المسنين، ركزت فيها على العلاقة ما بين كبار السن والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والخرف أو الزهايمر هما من أخطر الأمراض لدى هذه الشريحة، مشيرة أنه وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 20% من البالغين بأعمار 60 سنة فما فوق يعانون من اضطراب نفسي أو عصبي، في حين أن الاضطرابات العصبية النفسية لدى كبار السن مسؤولة عن 6.6% من مجموع حالات العجز الكلي. وبما يتعلق بعوامل الخطر المتعلقة بمشاكل الصحة النفسية بين كبار السن فهناك عوامل اجتماعية ونفسية وبيولوجية متعددة تحدد مستوى الصحة النفسية لشخص ما في أية لحظة من الزمن، إضافة إلى ضغوطات الحياة النمطية الشائعة بين جميع الناس، فإن كثيراً منهم يفقدون قدرتهم على العيش بصورة مستقلة، بسبب محدودية الحركة، أو الألم المزمن، أو الضعف، أو غير ذلك من المشاكل النفسية أو البدنية، ويحتاجون إلى شكل من أشكال الرعاية طويلة الأجل. فكبار السن أكثر عرضة للمعاناة من حوادث مثل مشاعر الحزن والحداد، أو انخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل التقاعد، أو العجز، وكل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى العزلة، وفقد الاستقلال، والشعور بالوحدة، والضيق النفسي لدى كبار السن. وفيما يتعلق بالاكتئاب فهناك نقص في كل من تشخيص ومعالجته في مواقع الرعاية الصحية، وأعراض الاكتئاب لدى كبار السن غالباً ما يتم التغاضي عنها وعدم معالجتها لأنها تتزامن مع غيرها من المشاكل التي يواجهها كبار السن، وعرضت السويدي لمجموعة من العوارض التي تكشف إصابة كبير السن بالاكتئاب وهي الإصابة بالآلام المتزايدة أو تلك التي لا تفسير لها، والشعور بالقلق والمخاوف، حدوث صعوبات ومشاكل في الذاكرة، وفقدان الحماس والطاقة لممارسة النشاطات أو حتى الواجبات، وتباطؤ في الحركة والكلام، وسرعة التهيج والعصبية، وفقدان الاهتمام بالعناية الشخصية. كما أن كبار السن المصابون بأعراض اكتئابية يقومون بأداء أضعف مقارنةً مع أولئك المصابين بحالات طبية مزمنة؛ مثل أمراض الرئة أو ارتفاع ضغط الدم أو السكري، ويزيد من سوء الحالة الصحية، ومن تكاليف الرعاية الصحية. أما عن مرض الشيخوخة فهو متلازمة يوجد فيها تدهور في الذاكرة والتفكير والسلوك والقدرة على أداء الأنشطة اليومية وهو يصيب -بشكل رئيسي- الأشخاص المسنين، على الرغم من أنه ليس جزءاً طبيعياً من التشيخ. وقالت مدير إدارة التثقيف الاجتماعي: "إن إحصاءات منظمة الزهايمر العالمية ADI ومنظمة الصحة العالمية WHOأشارت أن عدد حالات الإصابة بهذا المرض على مستوى العالم بلغت 35.6 مليون مريض خلال عام 2010 ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد خلال عام 2030 إلى 65.7 مليون، ثم إلى 115 مليون في عام 2050". كما أن هذا المرض يعد الأكثر تكلفة في مكافحته حيث تصل تكلفة علاجه في البلدان الصناعية المتقدمة إلى 600 مليار دولار سنويا عالميا، أي ما يعادل 1% من الناتج الإجمالي العالمي. الصحة النفسية للطفل وقدمت الدكتورة آمال عبد المولى مديرة مركز الفردوس لتأهيل أصحاب الهمم بالشارقة استشاري الصحة النفسية، موضوع الاستقرار الأسري وعلاقته بالصحة النفسية للطفل وهي تتطلب التوازن الدائم والانسجام المرن مع الذات والبيئة ليكون فيها الطفل مستقراً ومتوافقا نفسيّاً واجتماعيّاً، بالإضافة إلى الشعور بالسعادة مع الذات ومع الآخرين، وهي أيضا القدرة على تحقيق الذات، واستغلال المهارات والكفاءات الذاتية بأقصى حد ممكن، ومقومات الصحة النفسيّة هي قدرة الإنسان على تحقيق التوازن في جميع جوانب الحياة المختلفة وتحقيق الاستقلاليّة، والكفاءة والجدارة، وتحقيق التوافق الداخلي ويشمل ذلك الرضا عن الذات والثقة بالنفس دون شعورٍ بالنقص، والقدرة على مواجهة ضغوطات وصعوبات الحياة المختلفة الفرد على التمتّع بحياته برفاهيّة وتحقيق إمكاناته الفرديّة والفكريّة المختلفة. وقالت الدكتورة آمال: إن دور الأسرة هو تربية الأطفال سواء من الناحية الأخلاقية أو الدينية، فمن خلال الأسرة سيتعلم الطفل جميع أشكال الحياة الاجتماعية حتى يتمكن عند البلوغ من الاحتكاك مع المجتمع والتفاعل معه بشكل صحيح وفعال، وتوفير الشعور بالاستقرار والهدوء النفسي، كما أنه على الأسرة وتحقيق الاستقرار الأسري أو العائلي، وبالتالي هذا من شأنه أن يُشعر الطفل بنوع من الهدوء والراحة والأمان النفسي، وأن توفر له الحب والحنان والمسكن والملبس وجميع مقومات الحياة الكريمة وغرس الصفات الحميدة في نفسه، وتغطية نفقات الطفل المادية. وأشارت بأنه لتحقيق التوازن بين الحياة العملية والحياة العائلية، فيجب أن لا تقع بعض الأسر في فخ التركيز فقط أو بشكل كبير على الحياة العملية، خاصة إذا كان الوالدين يعملان، ولكن في الحقيقة هذا الأمر قد يُدّر عليهم بعض المال لرفع مُستوى العائلة الاجتماعي ولكن على الجانب الآخر، قد يكون سبب في الانهيار الأسري وعدم تحقيق الاستقرار داخل العائلة، فالاحترام المُتبادل بين الزوجين أمر في غاية الأهمية لتحقيق الاستقرار الأسري وضرورة أن تكون مُعاملة الوالدين لبعضهُم البعض بشكل لائق يسوده الود والمحبة والبعد عن التصرف بشكل غير لائق أو عنيف أمام الأطفال فهو أمر في غاية الخطورة في التأثير بالسلب على صحتهم النفسية، وقد يشعرهم بالكره وعدم الاستقرار. الضغط المهني ومن جانبها تناولت الدكتورة نورة قنيفة أستاذ علم اجتماع في جامعة الشارقة، موضوع الضغط المهني والصحة النفسية، وضرورة التوازن فيما بينهما، وقالت إن الضغط هو حالة من انعدام التوازن بين المطالب وبين قدرتنا على إشباعها وهو مجموعة العوامل البيئية السلبية مثل: غموض الدور وصراع الأدوار وأحوال العمل السيئة والأعباء الزائدة والتي لها علاقة بأداء مهني معين وهو أيضا حالة يتعرض فيها الإنسان للتوتر بشكل دائم بسبب مواقف تتجاوز قدرته على التحمل، ويصفه البعض بالمرض الخفي أو القاتل الصامت. وأقيم على هامش الملتقى معرضاً شاركت به عدة جهات وهي مركز انتاج التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة والمؤسسات الإصلاحية والعقابية للقيادة العامة لشرطة الشارقة والتي عرضت نماذج من انتاج نزلائها، كما خصص قسم للاستشارات النفسية والاجتماعية والقانونية لإدارة التثقيف الاجتماعي بدائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة حيث قدمت استشاراتها للحضور مجاناً.