"من الحماية الى التمكين" هو شعار مركز حماية المرأة التابعة لدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، والذي يعد من أوائل المراكز الخاصة بحماية ورعاية المرأة المعنفة في الدولة، سواء كانت سيدة أو فتاة وتقديم الخدمات الإيوائية بالإضافة إلى خدمة الاستشارات اجتماعية نفسية قانونية المقدمة عبر الخط الرئيسي للدائرة 800700. وتشيرمريم إسماعيل مديرة المركز الى استقبال 187 حالة منذ تأسيس المركز في عام 2011 حتى نهاية يوليو الماضي، وحاليا يوجد 8 حالات، ورسالة المركز منذ تاريخ تأسيسه في 2011 هي توفير حياة كريمة للمرأة في إمارة الشارقة. آليات وشروط الإيواء وتقيم إسماعيل، هذه الفترة كما يلي: تطورت خلال عقد ونيف النظرة إلى المركز ودوره ومهامه، ففي البداية لم يكن الأمر مقبولاً ومرحباً به ، وكان أفراد المجتمع يعارضون وجودنا كمركز لإيواء المرأة بل كانوا يعتبرون أن وجودنا يشجع المرأة على ترك منزلها والتمرد على زوجها ومجتمعها وعاداتها، وهذا المفهوم كان خاطئا لأن المركز ليس هدفه استقطاب وإيواء المرأة وإبعادها عن أسرتها، بل هناك آليات لعملنا وخطوات عدة يجب تطبيقها كي تبقى المرأة بالمركز، وأبرز هذه الشروط هو أن تقدم المرأة بلاغاً أما عن طريق الشرطة أو عن طريق الدعم الاجتماعي، ما يؤكد كونها قد تعرضت فعليا للعنف أو أن حالتها بخطر، حينها يتم إيواءها بالمركز إلى وقت حل الخلاف بينها وبين زوجها أو أهلها على سبيل المثال، وقد تقتصر مدة إقامتها في المركز على يوم واحد أو لساعات قليلة أو قد تدوم لأسابيع وأشهر بحسب حجم المشكلة. وتضيف إسماعيل: إن عملنا في المركز لإصلاح العلاقة والمشكلة القائمة، لا يكون فقط مع المرأة بل يخضع الطرفين للنصح والإرشاد، فبعد استقبال الحالة بالمركز من قبل الاختصاصي الاجتماعي يتم تعريفها بالخدمات المقدمة ودور المركز في حل المشاكل، ويتم الاستماع للحالة، ومن ثم تبدأ عملية الدمج مع أسرة الحالة أو الزوج بشكل جزئي ثم كلي بعد التأكد من سلامة الدمج، فمعظم المشاكل التي تردنا قد تكون بدايتها متصلة بالحالة نفسها ولكن مع عمل الجلسات والحوار نجد التأثير الخفي للأسرة ودورها في تشكيل حياتها ووصولها إلى ما هي عليه. الاختلاف طبيعي وتعقب مديرة المركز، إن الاختلاف في القضايا التي كانت في السابق واليوم تعد أمراً طبيعياً، خاصة بمرور السنوات، والأهم من ذلك هو الثورة التقنية والتعامل مع كائنات غير مرئية بل إفتراضية وإفساح المجال أمامها للتدخل في شؤوننا وفي خصوصياتنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والإدمان عليها، ما أدى إلى نماذج جديدة من المشاكل الاجتماعية والزوجية والأسرية، في حين كانت المشاكل السائدة هي المشاكل الزوجية من عنف وضرب أو وجود قضايا قانونية على أو أن يكون سجيناً أو لكونه لا يتحمل مسؤولياته المالية ولا يصرف على أولاده وغير ذلك، ومع الوقت وبسبب الانفتاح الكبير والزائد، بدأت المشكلات تأخذ طابعا مختلفا، كما بدأنا نتعامل مع فئات جديدة لم نكن نراها في المركز، وهنا أقصد حالات الفتيات اللاتي يردن الاستقرار لوحدهم أو على سبيل المثال إحداهن كانت تريد الارتباط بشخص وأهلها غير موافقين عليه ما أدى إلى تضارب وعنف وصولا إلى الشرطة، التي حولت الفتاة الى المركز، ومثال آخر، كأن هروب الفتاة من منزلها ولدى عودتها أو القبض عليها ترفض أسرتها استلامها. أمراض نفسية وتستطرد مدير مركز حماية المرأة بسرد بعض الحالات الجديدة، قائلة، ومن القصص التي عايشناها في المركز أن أحد الأزواج كان يتعرض دوما لزوجته بالضرب ويتهمها بأمور كثيرة كالخيانة، ما دفعها للتوجه إلى الشرطة التي حولتها إلى المركز بعد تعرضها للضرب لعدة مرات، وبعد الاستشارات واللقاءات والمعاينات اكتشفنا بأن الزوج يعاني من أمراض نفسية ما يجعله عرضة للتخيلات والأوهام والهلوسة الغير حقيقة فتم تحويله إلى أطباء مختصين الذين وصفوا له الأدوية المناسبة لحالته وعادت الأمور إلى طبيعتها مع زوجته وعودتها لمنزلها. الانفتاح وتستطرد بالقول، برأيي أن السبب في وجود نوعيات جديدة من المشاكل يعود بالدرجة إلى الانفتاح الكبير على ثقافات متنوعة شهدها ويشهدها مجتمعنا والمجتمعات العربية ككل، والتي سببتها منصات التواصل الاجتماعي المفتوحة 24\24 ساعة، وغير مقننة أو ممنوعة والتي تبث سمومها بين جيل الشباب وتفسد عقولهم، لذا استغل هذه المناسبة وتوجه إلى الأسرة وإلى الأم بضرورة مراقبة أولادهم ومعرفة مع من يتواصلون لأن حالات عديدة مرت على المركز كانت سببها المواقع الالكترونية. وبالتالي فالأم مطالبة أكثر من الرجل بالتقرب من أولادها واحتضانهم والتعامل معهم بود وأن تكون بمثابة صديقة لهم كي يسرون لها بأي مشكلة تعترضهم. تقوية الوازع الديني ولتفادي ضياع الأسرة، على المرأة والأم تحديداً عدم إهدار وقتها ووقت أسرتها في استخدام الهاتف المحمول، وهذا الأمر هو أحد الأسباب الجوهرية للخلافات الزوجية أولا والأسرية ثانيا، فهي تهدر وقتها على الهاتف وغير مستعدة للرد على طلبات زوجها وأولادها، ما أدى بدوره إلى التفكك الأسري وتوجه أفراد الأسرة وخاصة الأبناء للبحث عمن يهتم بهم ويستمع لمطالبهم، وأسهل وسيلة أمامهم هي منصات الدردشات وملاحقة الموضة (الفاشينيستا) وغيره من الأمور المؤذية. ومن القضايا المؤلمة أيضاً هي قضايا تتعلق بالتحرش من قبل فرد من أفراد الأسرة، فلا بد من مطالبة الأهل بتقوية الوازع الديني منذ الصغر كي لا ينساق البعض لمثل هذه الأمور، وربطهم بالعادات والتقاليد والسنع، ويجب علينا أن نعرف كيف نعيشها ونعايشها بشكل صحيح من دون مشاكل واسقاطات وتأثيرات سلبية. وتعقب قائلة: إن الأبناء هم مسؤولية الأبوين ودورهم يكمن في توفير حياة كريمة لهم والحفاظ عليهم، فالزواج هو عبارة عن شراكة مجتمعية ويجب أن تكون الأدوار صحيحة لحماية الأبناء .