أطلقت دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة الإصدار الأول من سلسلة الدراسات الاجتماعية التي يعدها مكتب المعرفة بالدائرة للوقوف على بعض الظواهر والمشكلات الاجتماعية الشائعة في المجتمع؛ وذلك في إطار حرص الدائرة على خدمة المجتمع بالطريقة التي من شأنها المساهمة في الجوانب المجتمعية. وجاء الإصدار الأول لعام 2017 تحت عنوان "أسباب البطالة وآثارها" ومستهدفاً فئة العاطلين و فئة البطالة الاختيارية ، إذ تم اختيار عينة عشوائية تكونت من (108) مستفيداً من أصل (242) مستفيداً من مجتمع إمارة الشارقة. وقال جاسم الحمادي مدير مكتب المعرفة لادائرة؛ أن الإصدار الذي يقع تحت 28 صفحة يتضمن أهم الأثار السلبية للبطالة وانعكاساتها على المجتمع، ما يعكس توجهات دائرات الخدمات الاجتماعية في نهجها نحو الحفاظ على كيان الأسرة وكذلك الحفاظ على ظروف حياتها المادية. وأوضح جاسم الحمادي: تمثل مشكلة البطالة و توظيف القوى العاملة الوطنية واحدة من أهم القضايا ذات الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية و السياسية ، إن للبطالة آثاراً على المستوى الاجتماعي و السياسي و الأمني أيضاً ، باعتبار البطالة ترتبط بانقطاع الدخل و من ثم صعوبة الحياة نتيجة العجز عن تلبية الحاجات الإنسانية الضرورية . وكشف الحمادي، أن الدراسة التي أجريت على مستوى إمارة الشارقة؛ تبرز أنواع البطالة التي أشار إليها البحث إلى أربعة أنواع تتلخص في (البطالة الإجبارية)؛ حيث يكون انعدام الوظائف وهذا كثيراً ما تعاني منه العديد من دول العالم؛ بخلاف دولة الإمارات العربية التي تعتبر أكثر الأسواق الاستثمارية الجاذبة الأمر الذي أثر إيجاباً على الدوران الوظيفي، البطالة الاختيارية: فهي التي تنتج عن انخفاض الأجور و عدم رغبة المواطن في العمل بهذا الأجر، وكذلك البطالة الموسمية: و هي التي تحدث في مواسم معينة على سبيل المثال المزارعين في موسم معين يعملون في زراعة و حصاد مزروعاتهم و يتوقفون باقي المواسم الأخرى، أو هناك مهن تنشط في الصيف و تواجه ركوداً في الشتاء والعكس صحيح، وكذلك البطالة المقنعة، التي تعاني منها العديد من الدول. توصيات تسهم في الحد من الآثار السلبية للبطالة ومن جانبها أكدت نجلاء غبار - الباحثة الاجتماعية بالدائرة، - والتي أعدت الدراسة – أن أهم ما توصلت إليه؛ هي توصيات التي تساهم في الحد من مشكلات والأثار السلبية للبطالة، والتي تعكس آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، مضيفة إلى أن أهم ما لخصته توصيات الدراسة؛ تمثل في العمل على ربط أهداف التنمية الاقتصادية العامة مع أهداف التنمية البشرية ، وتشجيع المرأة على التقاعد المبكر حتى يتم توفير فرص عمل جديدة للخريجين و الباحثين عن عمل، وكذلك إيجاد سياسة تعليمية تدريبية توظيفية مشتركة من خلال تخصيص دورات تدريبية مكثفة، ولا سيما في آخر سنتين من الدراسة بحيث يتخرج الطالب و لديه خبرة عملية في المؤسسات و الدوائر الحكومية. كما أشارت التوصيات إلى تشجيع الشباب والفتيات و توجيههم لعمل مشروعات خاصة بهم من أجل صقل مهارات بخبرة مهنية، علاوة على زيادة صناديق دعم الشباب لتسهيل إقامة مشاريع خاصة بهم، وكذلك زيادة إنشاء المعاهد الفنية لتأهيل الشباب على الأعمال المهنية كالتجارة و الحدادة و النجارة، و التنسيق و التخطيط بن المؤسسات التعليمية و التدريبية لتحديد حجم الاحتياج الفعلي لسوق العمل من القوى العاملة بمختلف تخصصاتها الحالية و المستقبلية، وتوجيه المقبلين على الدراسات الجامعية إلى التخصصات الجديدة و المطلوبة لسوق العمل و عدم التكدس في تخصصات لا تلبي سوق العمل، وكذلك ضع شرط لمستحقي المساعدات من الذين لديهم القدرة على العمل بالالتحاق بدورات تدريبية إلزامية، و إيقاف المساعدة عنهم أو تحويلها لأبنائهم مالم يلتحق بالدورات، وإلزام الشركات الخاصة بتخصيص نسبة 30 % من الوظائف الإدارية للمواطنين. == خلاصة لأهم ما ورد في الدارسة الأسباب الشخصية تشكل 61.8 %من أسباب البطالة: قال جاسم الحمادي مدير مكتب المعرفة بالدائرة عن أهم نتائج الدراسة أن الأسباب الشخصية تشكل نسبة 61.8 % وهي السبب الرئيسي في عدم ارتباط أفراد العينة بالعمل ، في حن شكلت الأسباب المتعلقة بسوق العمل 38.2 % .و من الأسباب الشخصية التي أدت إلى عدم الارتباط بعمل الظروف العائلية و تربية الأبناء بنسبة 34.4 % ، و تلتها المشاكل الصحية بنسبة 27.5 % ، تبعتها المشاكل الأمنية و الديون بنسبة 17.2 % .. كما وتنوعت الاسباب التي ادت إلى عدم الارتباط بالعمل المتعلقة بسوق العمل منها عدم توافر فرص عمل تناسب المؤهل العلمي، توفر عمل و لكن بأجر منخفض، تفضيل العمالة الأجنبية في معظم الوظائف، عدم وجود فرص وظيفية أساساً، في ضوء هذة الأسباب تبين لنا من خلال الدراسة أن أكر الأسباب التي أدت إلى عدم الارتباط بعمل و المتعلقة بسوق العمل هي عدم توفر فرص وظيفية أساس بنسبة 40.5 % ، في حن شكل عدم توافر فرص عمل تتناسب مع المؤهل العلمي نسبة 24.6%، بينما كانت نسبة توفر فرص للعمل و لكن بأجر منخفض 21.73% . آثار البطالة على الفرد: أن أكثر ما يعاني منه الفرد العاطل منه الفرد العاطل عن العمل هو الاكتئاب و القلق حيث احتل الأولوية الأولى بالنسبة لأفراد عينة الدراسة ، تلته في الأولوية الشعور بالعجز ، كما أن عدم استقرار العلاقات الاجتماعية احتل الأولوية الثالثة، وهذا دليل على مدى تأثر البطالة على الأفراد عينة الدراسة حيث تمركزت الآثار على الأولويات الثلاثة الأولى مما يوضح قلق الفرد العاطل عن العمل و شعوره بالعجز أمام تلبية احتياجاته الأساسية سواءفي الوقت الحاضر أو المستقبل القريب ومعاناته من ظروف نفسية و اجتماعية و اقتصادية مما يؤثر سلباً على قيامهم بأدوارهم الاجتماعية بصورة إيجابية في شتى مجريات الحياة اليومية و على كافة مستويات الحياة التفاعلية في العائلة و المجتمع ، وأما الأولوية الرابعة فهي تدني الثقة بالنفس يليها الشعور بعدم الكفاءة وجاءت الأولوية السادسة الاتجاه نحو الجريمة و الانحراف ، كما تجعل استمرارية حالة التعطل هذه الفئات تجنح بهم عن ممارسة دورهم الاجتماعي و داخل المجتمع لتدفع بهم نحو البحث عن حلول فردية لمشكلاتهم مما يؤثر سلباً على انتمائهم للمجتمع في ظل حالة المعاناة التي يعيشونها. -95.2% من الأفراد تؤخر البطالة عليهم في توفير متطلبات الحياة الأساسية: يرى أغلب أفراد عينة الدراسة بأن البطالة تؤخر توفر متطلبات الحياة الأساسية بنسبة 95.2 % في حين 4.8 %منهم لا تؤثر عليهم البطالة في توفر متطلبات الحياة ، و يرى 81.1 % من العاطلن أن البطالة لها دور في تأخر توفر المسكن و 18.9 % منهم لم تؤثر عليهم البطالة ، و أكر من نصف أفراد العينة تعطل استكمال دراستهم بسبب البطالة و تقدر بنسبة 63.2 % ، و 55.7%من أفراد عينة الدراسة يلجؤون إلى تأخر انجاب الأطفال بسبب البطالة و العجز عن تلبية احتياجات الأسرة ، ونسبة 55.2 % منهم من يتعمد تأخر الزواج للأسباب نفسها ، هذا دليل على أن التعطل عن العمل يؤخر تنفيذ التطلعات المستقبلية لأفراد عينة الدراسة . النتائج: سجلت هذه الدراسة الميدانية أن تزايد معدلات البطالة ظهر في الأفراد المتزوجن بنسبة 76.8 % و كان النصيب الأكر عند الذكور بنسبة 48.1 % ، و أن تزايد معدلات البطالة بن المتزوجن و خاصة الذكور منهم لها العديد من المصاحبات الاجتماعية التي تؤثر على الأسرة و مستقبلها . أثبتت صحة الفرضية الأولى للدراسة )الخصائص العلمية لها دور في حدوث البطالة ( من خال ظهور نسبة قليلة من أفراد العينة من المتعلمن من حملة شهادة الدبلوم و الدراسات الجامعية ، حيث شكلت مرحلة الدبلوم 1.8 % و المرحلة الجامعية 5.5 % ، في حن أن المرحلتن الإعدادية و الثانوية احتلتا المراكز الأولى حيث إن أغلب أفراد العينة من ذوي مراحل التعليم المتوسط ، و هذا مفاده بأن المستوى العلمي له دور في زيادة معدلات البطالة ، و لأن سوق العمل في الوقت الحاضر تواكب التطورات التكنولوجية فمن الطبيعي أن تتجه إلى توظيف الأفراد ذوي الشهادات و الدراسات الجامعية العليا و تتجاهل من دون ذلك . و أظهرت الدراسة أن هناك أسباب فردية قد تؤدي إلى البطالة ، فأغلب أفراد العينة أكدوا بأن هناك أسباب شخصية أدت إلى عدم ارتباطهم بعمل و قد شكلت الأسباب الشخصية 61.8 % ، و من أكر الأسباب الشخصية التي ذكرت هي الظروف العائلية و تربية الأبناء ، المشاكل الصحية ، و المشاكل الأمنية و الديون . في حن كانت أسباب عدم الارتباط بعمل و المتعلقة بسوق العمل تمركزت حول عدم وجود فرص وظيفية بنسبة 40.5 % ، وعدم توافر فرص عمل تتناسب مع المؤهل العلمي بنسبة 24.6 % ، و هذا في الغالب يعود إلى أن أغلب أفراد العينة ليسوا من المراحل العلمية العليا حيث إن سوق العمل في الوقت الراهن تستقطب الأفراد ذوي المؤهات العلمية و ذلك بسبب التطورات السريعة التي حدثت في المجتمعات و الوسائل التكنولوجية المستخدمة فقد شكلت هذه التطورات تهديد للعمالة غير الماهرة و غر المتعلمة . من خلال الفرضية الثانية للدراسة و التي مفادها أن البطالة تؤثر على الفرد و أسرته تبن أن 86.3 % من أفراد عينة الدراسة تؤثر البطالة عليهم بشكل سلبي حيث إن البطالة تعرض الفرد إلى الكثر من مظاهر عدم التوافق النفسي و الاجتماعي ، كما تدفعه إلى تأخر تنفيذ كثر من تطلعاته المستقبلية حيث يعجز أغلب أفراد العينة عن توفر متطلبات الحياة الأساسية ويؤجل أكثرهم الزواج و إنجاب الأطفال بنسبة 55.2 % من أخر الزواج و 55.7 % من أخر إنجاب الأطفال، و يتسم كثير من العاطلين عن العمل بعدم السعادة و عدم الرضا و الشعور بالاكتئاب والقلق و العجز و عدم استقرار العلاقات الاجتماعية مما يؤدي إلى اختال في الصحة النفسية لديهم و هذا تأكيد كذلك على صحة الفرضية الثالثة و هي أن البطالة تؤثر على الفرد من الناحية النفسية . - خلاصة الدراسة: وهنا تجدر الاشارة إلى أن البطالة حينما تتفاقم فإنها تجر في أذيالها كثراً من الخسائر و الضياعات و الآلام ، سواء تعلق الأمر بالفرد و المجتمع أو بالاقتصاد القومي . فالبنسبة للفرد ، لا يخفى أن البطالة تؤدي إلى افتقاد الأمن الاقتصادي ، حيث يفقد العاطل دخله الأساسي ، و ربما الوحيد، مما يعرضه لآلام الفقر و الحرمان هو و أسرته ، و يجعله يعيش في حالة يفتقد فيها الاطمئنان على يومه و غده ، و يزداد الوضع سوءاً إذا لم يكن هناك نوع من الحماية الاجتماعية للعاطلن أو عدم كفايتها ، كذلك لا يجوز أن ننسى المعاناة الاجتماعية و العائلية و النفسية التي تنجم عن البطالة ) و إن كان من الصعب حسابها كمياً) فقد ثبت أن استمرار حالة البطالة و ما يرافقها من حرمان و معاناة ، كثراً ما يدفع الفرد إلى تعاطي الخمور و المخدرات و تصيبه بالاكتئاب و الاغراب وربما تدفعه إلى الانتحار ، فضاً عن ممارسة العنف و الجريمة و التطرف . البطالة كذلك تؤثر على المجتمع فهي تؤدي إلى تفكك المجتمع و انحلاله و تدهوره من خال زيادة السلوك الإجرامي في المجتمع، كما تؤدي البطالة إلى تأخر سن الزواج بالنسبة للشباب ، و إن كان الشاب يمكنه تحمل التأخر في سن زواجه ، فإن الفتاة إن تأخرت بها السن و كرت يقل الإقبال عليها ، و ينتشر الفساد الخلقي ، و أحيان يتخفى الفساد الخلقي وراء مسميات زائفة مثل الزواج العرفي ، و هو لون من ألوان الزنا في علاقات بغير بيت و لا صلة شرعية و لا مسؤولية عما قد ينتجه من نسل أو من عمليات إجهاض ، و تؤدي البطالة كذلك إلى زيادة القلاقل و الفوضى في المجتمع ، و ما ينجم عن ذلك من انعدام الأمن والاستقرار ، و السخط على الدولة و هذا كله قد تستغله بعض الجهات التي تقف ضد الدولة و النظام الحاكم ، لكي تثير المشاعر و تحاول جاهدة أن تعبئ نفوس الشباب في اتجاه معارض. أما عن الخسائر التي يتحملها الاقتصاد القومي فهي كثرة و متعددة ، يأتي في مقدمتها ما تمثله البطالة من إهدار في قيمة العمل البشري ، حيث يخسر البلد قيمة الناتج الذي كان من الممكن للعاطلن إنتاجه في حالة عدم بطالتهم و استخدامهم لطاقاتهم الإنتاجية ، و من ناحية أخرى يلاحظ أن المدفوعات التحويلية التي تضطر الحكومات إلى منحها للعاطلن إما في صورة إعانة للبطالة أو مساعدات حكومية ، تؤدي إلى زيادة العجز في الموازنة العامة ، و ما ينجم عن ذلك من نتائج سلبية .