"الصحة النفسية لدى الشباب" كان عنوان الجلسة الافتراضية التي نظمتها إدارة التثقيف الإجتماعي في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة مزامنتاً باليوم العالمي للصحة النفسية، إنطلاقا من أهميتها وتأثيرها الكبير على الفرد والمجتمع، خاصة أن الدولة وضعت السياسة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية، والمتضمنة 5 أهداف استراتيجية لمعالجة هذا المرض والتخفيف من آثاره السلبية. وعرفت مريم إبراهيم القصير مدير إدارة التثقيف الاجتماعي، المرض النفسي بكونه مرض ذهني يؤثر تأثيراً كبيراً على قدرة الإنسان على العمل والإنتاج والتعامل مع الظروف الحياتية، في حين ان أهم أعراضه هو الاكتئاب والقلق النفسي الذي يعد أكثر الأمراض شيوعاً وتحديدا لدى الشباب. وشرحت القصير، أن الصحة النفسية بأنها جزء أساسي لا يتجزأ من الصحة العامة للفرد، وفي هذا الصدد نص دستور منظمة الصحة العالمية على أن "الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعيا، وبالتالي هي تتجاوز مفهوم انعدام الاضطرابات أو حالات العجز النفسية. فالصحة النفسية عبارة عن حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل باتقان وفعالية والإسهام في مجتمعه. كما تعتبر من الأمور الأساسية لتوطيد قدرتنا الجماعية والفردية على التفكير، التأثر، والتفاعل مع بعضنا البعض كبشر، وكسب لقمة العيش والتمتع بالحياة. وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار تعزيز الصحة النفسية وحمايتها واستعادتها شاغلا حيويا للأفراد والجماعات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وعبرت القصير على ضرورة وجود تخصص أكاديمي بالصحة النفسية في المنطقة العربية، حيث ان العمل بهذا المجال يقتصر على الإرشاد النفسي والعلاج الأكلينيكي، الذي تقوم به المؤسسات المعنية بالشأن الأسري، ناهيك عن قلة العيادات النفسية، وترى القصير، أن السبب يعود إلى الحساسية المجتمعية لمناقشة وطرح هذا الموضوع الذي ما يزال بمثابة "تابو"، فهناك ثقافة اجتماعية سائدة إلى حد ما، وهي أن المريض النفسي هو إنسان مجنون، وليس "مضطرب نفسي" -وهو المسمى الصحيح- وبالتالي كثير من الحالات لا يتم الكشف عنها ومعالجتها وتبقى أسيرة جدران المنزل إلى حين وفاتها. وتعقب قائلة، على الرغم من كل ما تقوم به حكومة الإمارات بشكل مستمر بوضعها التدابير والخطط الجديدة لمعالجة مشاكل الصحة النفسية التي يعاني منها الأفراد، وطرحها العديد من المبادرات للإماراتيين والوافدين المقيمين لتسهيل الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، فحددت السياسة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية في دولة الإمارات، خمسة أهداف استراتيجية رئيسة تشمل، تعزيز فعالية الجوانب القيادية في مجال الصحة النفسية، وتطوير وتعزيز وتوسيع نطاق خدمات الصحة النفسية الشاملة والمتكاملة والمستجيبة للاحتياجات والموجهة للمجتمع بفئاته وأعماره كافة. وتعزيز التعاون متعدد القطاعات لتنفيذ سياسة تعزيز الصحة النفسية، وتعزيز الوقاية من الاضطرابات النفسية لفئات وأعمار المجتمع كافة، وتعزيز القدرات وتحسين نظم المعلومات، وجمع واستخدام وتفعيل البيانات، وإجراء البحوث الخاصة بالصحة النفسية بغرض تطوير خدماتها. ومن بين الإجراءات والخيارات التي تضمنتها الاستراتيجية، توفير خدمات الصحة النفسية للمرضى الخارجيين، وتطوير وحدات الصحة النفسية للمرضى الداخليين في مستشفيات الصحة النفسية، وإنشاء خدمات الصحة النفسية المجتمعية، ومنها خدمات التوعية، وخدمات الرعاية والدعم المنزلية، والرعاية في حالات الطوارئ، وإعادة التأهيل المجتمعي. كما تبنى البرنامج الوطني الحفاظ على سلامة الصحة النفسية ونشر الأفكار الإيجابية بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية ومؤسسات التعليم، للتقليل من الأزمات المحيطة بالأفراد، بإشراف الاختصاصيين في هذا المجال، وتشكيل فريق شبابي، مهمته التنسيق لاستقبال الشباب في المراكز الشبابية، من خلال ورش ومبادرات وحلقات شبابية لمتابعة سلامة الصحة النفسية وتوجيهها من قبل الأخصائيين في هذا المجال. ويعرف البرنامج الشباب بكيفية مواجهة التحديات والقضايا المعاصرة في مجال الصحة النفسية، مثل: التنمر والاكتئاب وغيرها من التحديات التي تواجه تواجههم، فيما يدير البرنامج نخبة من الاختصاصيين النفسيين. كما ضمت يوم الاستدامة النفسية للشباب الإماراتي، إلى الأجندة السنوية، في إطار إبراز قصص نجاح الشباب ومواجهتهم لمخاوفهم وتحدياتهم النفسية، مثل الاكتئاب وغيرها. وعملت على إنشاء قسم مختص بمتابعة الصحة النفسية لفئة الشباب، إلى جانب التجاوب مع مطالبهم، والاستماع إلى التحديات التي تواجههم، مع متابعتهم المستمرة. وحول العوامل المؤدية الى الأمراض النفسية أجابت القصير: هناك مهددات تنقسم تتوزع بين اجتماعية ونفسانية وبيولوجية، واستحكام الضغوط الاجتماعية الاقتصادية وتعد من الأسباب التي تهدد الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات المحلية، كما أن التحول الاجتماعي السريع، وظروف العمل المجهدة، والتمييز القائم على نوع الجنس، والاستبعاد الاجتماعي، وأنماط الحياة غير الصحية، ومخاطر العنف واعتلال الصحة البدنية، وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة للأمراض الوراثية. ودعت مدير إدارة التثقيف الإجتماعي كمقترح، لإطلاق عيادة متنقلة للصحة النفسية توفر إمكانية حجز ساعات استشارية تعزيزية للصحة النفسيين، من قبل نخبة من المتخصصين. وإجراء الأبحاث العلمية المتخصصة لتصميم برامج ومبادرات تتناسب مع طبيعة التحديات التي تؤثر على الصحة النفسية للأفراد في ظل التطورات والطفرة التكنولوجية، بهدف توجيههم ورعايتهم، وتوفير بيئة نفسية حاضنة لهم. كما دعت القصير الشباب الى التركيز على الصحة النفسية لتحقيق الصحة العامة من خلال الانتظام في أوقات النوم و التغذية السليمة وممارسة الرياضة والانشغال بتطوير وتنمية المهارات والقدرات والمواهب التي يمتلكها الشباب والمتاحة في المجتمع .