"إن حماية المرأة هو واجب وطني وتقع مسؤوليتها علينا جميعًا" بهذه الكلمات استهلت مريم إسماعيل مدير مركز حماية المرأة في دائرة الخدمات الاجتماعية كلماتها بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يحتفل به العالم بتاريخ 25 نوفمبر من كل عام، وقالت إسماعيل، نجدد العهد على الالتزام بحماية المرأة مع شركائنا في المسؤولية، بتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي والاقتصادي والقانوني وغيره للمرأة المعنفة في إمارة الشارقة، عبر مركز حماية المرأة فالعنف ضد المرأة ليس قدرًا ولا يمكن السكوت عنه انما يتطلب منا جميعًا موقفًا واضحًا لتغييره. وأكدت، على الوقوف ضد أشكال العنف بأكملها، والعمل على تمكين المرأة المعنفة وإعادة دمجها في المجتمع، منطلقين من إيماننا بأن المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تربي الأجيال، وإذا كانت معنفة وضعيفة ولا حول لها ولا قوة فإن أجيالًا لن تقف بوجه صعوبات الحياة ومشاكلها، وأن مكافحة العنف تبدأ بالوعي بهذه القضية والعمل بمنظومة متكاملة مع المؤسسات الاجتماعية والتربوية لخلق جيل يعي أحقيتها بالعيش في كرامة ومن دون ظلم. جاء كلام مدير مركز حماية المرأة خلال تنظيم فعالية في بيت الحكمة تحت شعار "تمكين المرأة يبدأ من حمايتها"، والذي تضمن العديد من المشاركات والفقرات بمشاركة جامعة المدينة في عجمان ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وجمهور من المختصين في هذا القطاع. خدمات المركز كما وعرفت مدير المركز بالخدمات التي يقدمها المركز والذي يختص بحماية النساء اللواتي يتعرضن للاعتداء بأنواعه، اللفظي والجسدي والاقتصادي والجسدي وأيضًا حماية شاهد، وتقديم كافة الخدمات التي تؤمن حمايتهن كالخدمات الإيوائية والاستشارات الاجتماعية والنفسية والقانونية، والعمل على تأهيلها لإعادة دمجها في المجتمع وتحقيق الحياة الكريمة والمستقلة لها على أيدي مختصين وفق أفضل الممارسات والمعايير في إمارة الشارقة، أما الرؤية التي يعمل بها فهي "من الحماية إلى التمكين"، وأن يكون مركز حماية المرأة نموذجًا رائدًا في تمكين المرأة وضمان أمنها وكرامتها، والمساهمة في بناء مجتمع خال من جميع أشكال العنف والتمييز، يسوده العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وقيمه هي العدالة والكرامة والمساواة والتمكين. كما يهدف المركز توعية المرأة بحقوقها وتمكينها من العيش باستقلالية وكرامة ورفع العنف بأنواعه عنها وحمايتها وتأمين حقوقها وتقديم برامج تنموية وتأهيلية وعلاجية بهدف تمكين المرأة المعنفة ونشر وتعزيز الوعي بقضايا المرأة وزيادة فرص اعتمادها على نفسها من خلال برامج التأهيل المهني وإعادة تأهيل ضحايا العنف من النساء والفتيات اجتماعيًا ومهنيًا ونفسيًا ودمجها بالمجتمع. كما قدمت الدكتورة نبال خيال المعلم من جامعة المدينة عجمان محاضرة بعنوان "العنف مواجهات المرأة -الأسباب -الاشكال والحلول الاستراتيجية"، وبدأت بنبذة تعريفية عن سبب إطلاق هذ القرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999، واعتبار 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يومًا للتوعية بجميع أشكال العنف ضد المرأة، من اغتصاب وعنف أسري وأي شكل من أشكال الضرر الجسدي أو النفسي الواقع على المرأة، كما يشمل ذلك جميع أشكال الإكراه والإجبار والمراقبة سواء داخل الأسرة أو خارجها. والسبب في ذلك يعود الى جريمة القتل التي دفعت العالم لتخصيص يوم للقضاء على العنف ضد المرأة وهو عملية اغتيال الأخوات ميرا بال باتريسيا وماريا ومينيرفا، وهن ناشطات سياسيات في جمهورية الدومينيكان، بأوامر من حاكمها رافاييل تروخيلو عام 1960، واللاتي يعرفن بالفراشات المحلقة بسبب قرارهن بعدم الصمت عن الظلم ويقفوا في وجه الديكتاتور ليغادروا الحياة تاركين رحيق الحرية للآخرين، وتم رميهن في البحر الكاريبي. أرقام واحصائيات ويرمز اللون البرتقالي إلى حملة الأمم المتحدة الدولية المعروفة بـ "إنهاء العنف ضد المرأة" الهادفة إلى رفع مستوى الوعي بمناهضة العنف ضد النساء والفتيات. وترمز إلى مستقبل مشرق للنساء والفتيات خالٍ من العنف، وتستمر هذه الحملة سنوياً خلال "الأيام الستة عشر" من 25 نوفمبر "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة" إلى 10 ديسمبر والذي يصادف "اليوم العالمي لحقوق الإنسان". وأشارت المحاضرة أنه بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، تتعرض امرأة من بين كل ثلاثة نساء حول العالم لأحد أشكال العنف الجسدي أو الجنسي، وعادة ما يكون على يد شريكها، كما أن 52 في المئة فقط من النساء حول العالم لديهن حرية اتخاذ القرارات الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، كما يمثل ضحايا الإتجار في البشر من النساء حول العالم 71 في المئة. وفي عام 2017، كشفت إحصائية أخرى أن نصف النساء اللاتي يقتلن حول العالم هن ضحايا شريكهن أو أحد أفراد العائلة، مقابل رجل واحد من بين عشرين رجلًا يقتل في ظروف مشابهة، أم عربيًا، تتعرض 37 في المئة من النساء لأحد أشكال العنف أو أكثر في حياتها، وتتزوج 14 في المئة من الفتيات العربيات تحت سن الثامنة عشرة، ويبلغ عدد الزوجات عالميا 700 مليون فتاة. تُعدّ قضية العنف ضدّ المرأة من أبرز التّحديات الاجتماعية والأخلاقيّة التي تواجه المجتمعات المعاصرة، إذ تمسّ كرامة الإنسان وتعيق جهود التنمية المستدامة ورغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة للحد من هذه الظاهرة، ما تزال المرأة تواجه أشكالًا متعددة من العنف في مختلف السياقات الأسرية والمجتمعية. اشكال وأسباب العنف وعرفت اشكال العنف ضد المرأة وهو العنف الجسدي باستخدام القوة لإلحاق الأذى كالضرب أو الإيذاء، والعنف النفسي ويتمثل بالتهديد، الإهانة، والإذلال المستمر، والعنف الجنسي ويتمثل بالتحرش، الاعتداء، والزواج القسري، والعنف الاقتصادي وهو حرمان المرأة من العمل أو الميراث أو الموارد، والعنف الإلكتروني والذي ظهر أخيرًا، وهو الابتزاز أو المراقبة أو التشهير عبر الإنترنت. وأشارت الدكتورة نبال الى أن العنف لا يحدث بمعزل عن السياق الاجتماعي، بل هو نتيجة تفاعل عوامل ثقافية واقتصادية ونفسية، منها: الأسباب الثقافية والاقتصادية والقانونية والنفسية. ويترتب على العنف آثار وتمتد من الفرد إلى المجتمع بأسره، وتتلخص بالآثار الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية. تضافر الجهود وأوضحت أن مواجهة العنف ضد المرأة تتطلب تضافر الجهود القانونية والتربوية والاجتماعية والدينية، من خلال الحلول التّشريعية والمؤسسية عبر سنّ قوانين واضحة تجرّم جميع أشكال العنف وإنشاء مراكز إيواء ودعم نفسي للنساء، وتدريب الكوادر الأمنية على التعامل الإنساني. كما أن الحلول التربوية والإعلامية فهي تكمن بإدراج قيم الاحترام في المناهج الدراسية وتنظيم حملات توعية وطنية وإشراك الرجال في نشر ثقافة الاحترام. والحلول الاقتصادية والاجتماعية فهي تمكين المرأة اقتصاديًا عبر دعم المشاريع الصغيرة وتقديم برامج دعم نفسي واجتماعي للضحايا. والحلول الدينية والثقافية فتكمن في نشر خطاب ديني وسطي يدعو للمودة والرحمة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تُستخدم لتبرير العنف. الإمارات تحمي المرأة وأوردت المحاضرة التشريعات والقوانين الرادعة التي سنتها دولة الإمارات لحماية للمرأة من العنف، مثل القانون الاتحادي بشأن الحماية من العنف الأسري، بالإضافة إلى خدمات متخصصة تقدمها جهات حكومية ومنظمات غير ربحية مثل خطوط المساعدة ومراكز الإيواء والاستشارات المجتمعية وتهدف هذه الخدمات إلى تأمين الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لضحايا العنف، والتوعية المجتمعية، وتكامل جهود المؤسسات لحماية المرأة والطفل والمسن. كما حددت الإطار القانوني والسياسات بعدة قوانين وهي قانون مكافحة العنف الأسري ويهدف إلى مكافحة العنف الأسري، وحماية الحق الخاص، وتقويم السلوكيات الضارة بالأسرة، والسياسة الوطنية لتمكين المرأة والتي تسعى لتعزيز حقوق النساء والفتيات وتمكينهن، مع التركيز على آليات الوقاية والتوعية وتطوير التشريعات. هذا بالإضافة الى العقوبات حيث نص القانون على عقوبات لمن يثبت ارتكابه للعنف، تراوح بين الغرامة والسجن، وتزداد شدتها حسب خطورة الاعتداء. واختتمت محاضرتها قائلة بأن العنف ضد المرأة قضية إنسانية واجتماعية تتطلب إرادة سياسية وتعاونًا مؤسسيًا ومجتمعيًا شاملًا وبناء مجتمع خالٍ من العنف يبدأ من الأسرة والمدرسة والإعلام، فحماية المرأة حماية للأسرة وللوطن بأسره، وحين نحترم المرأة، فإننا نحترم الحياة ذاتها.