في ختام فعاليات ملتقى كبار السن الرابع عشر الذي نظمته دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة تحت شعار "عطاء يتجدد وقيادة لا تنتهي"، وبمشاركة واسعة من الخبراء والمختصين من داخل الدولة وخارجها. خرج المشاركون بمجموعة من التوصيات الهامة التي تهدف إلى تعزيز جودة حياة كبار السن، وترسيخ ممارسات الشيخوخة الإيجابية، من خلال مبادرات مبتكرة تجمع بين الأجيال وتوظف التحول الرقمي لخدمتهم، وتمكينهم اجتماعيًا، واقتصاديًا، ونفسيًا. وجاءت هذه التوصيات ترجمةً لرؤية إمارة الشارقة في بناء مجتمع متماسك ومتكامل، يضمن لكبار السن مكانتهم ودورهم الفاعل في مسيرة التنمية، ويكرّس مكانة الإمارة كمدينة صديقة لكبار السن وفقًا لأعلى المعايير العالمية الرقمية. مجالس التلاقي بين الأجيال ومنصات الحوار المجتمعي أوصى الملتقى بإنشاء مجالس جيرة تشاركية في مختلف مناطق الإمارة تجمع كبار السن والشباب بشكل منتظم، لتكون منصات للحوار وتنظيم البرامج التفاعلية مثل الورش والمشاريع المشتركة، بما يعزز التواصل والتكامل الاجتماعي بين الأجيال. كما دعا المشاركون إلى تحويل هذه المجالس إلى وحدات مجتمعية فاعلة تقدم مبادرات مشتركة يقودها كبار السن والشباب معًا، بما يجسد التواصل العملي وتبادل الخبرات في إطار مجتمعي مستدام. وتضمنت التوصيات إثراء المنصة الرقمية الخاصة بكبار السن لتكون أرشيفًا تفاعليًا يوثق تجاربهم في مجالات العمل والثقافة والعلم والأسرة، عبر قصص ولقاءات مرئية وصوتية متاحة للجمهور العام. كما أوصت بربط المنصة بمشروعات بحثية ودراسات متخصصة للاستفادة من محتواها في تطوير الخدمات المستقبلية، وتحويلها إلى نقطة تفاعل حيّ بين كبار السن والمجتمع لتعزيز الدمج الاجتماعي ونقل الخبرات بين الأجيال. الاستثمار في خبرات كبار السن عبر التطوع وأكدت التوصيات أهمية إطلاق برامج تطوعية تخصصية عبر "تطوع كبار السن"، لتوظيف مهارات المتقاعدين من كبار السن مثل المهندسين والمعلمين والمستشارين في المبادرات المجتمعية والحكومية، مع تقديم حوافز معنوية ومادية تشجعهم على المشاركة. كما شددت على اعتبار العمل التطوعي أحد مكونات رأس المال البشري الوطني، وضرورة بناء شراكات مع القطاعين الخاص والاجتماعي لتوفير فرص تطوعية مرنة تراعي ظروف كبار السن الصحية والاجتماعية. المنصة الرقمية للشيخوخة الإيجابية أوصى الملتقى بتطوير المنصة الرقمية لكبار السن بإضافة أدوات ذكية مثل تطبيقات التذكير والنشاطات اليومية والتحديات الاجتماعية، إلى جانب نوافذ إبداعية يومية مثل "فكرة اليوم" و"نصيحة حياتية"، بما يسهم في رفع تفاعل كبار السن وتمكينهم رقميًا. كما دعا إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتخصيص المحتوى وفق اهتمامات المستخدمين وخبراتهم، وتعزيز مشاركتهم التفاعلية المستمرة عبر المنصة. الوقاية الصحية والتمكين المبكر للشيخوخة الإيجابية وفي الجانب الصحي، أوصى الملتقى بتنفيذ حملات توعية شاملة للفئة العمرية من 40 إلى 55 عامًا حول الوقاية الصحية والتغذية والنشاط البدني والصحة النفسية، لإعدادهم مبكرًا لمرحلة الشيخوخة الإيجابية. كما دعا إلى دمج هذه الحملات ضمن برامج مراكز الرعاية الأولية وأندية المجتمع، بما يضمن المتابعة المستمرة وتحقيق أهداف التأهيل الصحي والاجتماعي لكبار السن مستقبلًا. التأهيل الاقتصادي لما بعد التقاعد وفي الجانب الاقتصادي، أوصى المشاركون بتقديم برامج تأهيلية متكاملة تشمل المهارات الرقمية والتخطيط المالي والاجتماعي لإعداد المقبلين على التقاعد للحياة العملية اللاحقة، إلى جانب تأسيس وحدة مهنية استشارية تساعد كبار السن على إيجاد فرص مهنية مرنة أو جزئية. كما دعا الملتقى إلى تنظيم ورش عمل للتثقيف المالي في المؤسسات الحكومية والخاصة، تركز على محاور الدخل والاستثمار والتخطيط المالي المستقبلي، بما يضمن الاستقرار المعيشي بعد التقاعد. وأكدت التوصيات على تبني نموذج الاقتصاد النشط للمسنين عبر دعم مشاريع اقتصادية صغيرة يقودها كبار السن، وتوفير برامج تمويل ميسّرة ودعم فني ولوجستي لتحويل خبراتهم إلى مشاريع إنتاجية مستدامة، إلى جانب تنظيم معارض وأسواق رقمية وواقعية لعرض منتجاتهم وتعزيز مشاركتهم الاقتصادية. الحوكمة التشاركية ودعم القرار وأكد الملتقى أهمية إنشاء مجالس استشارية رقمية تضم كبار السن أنفسهم، تتولى مراجعة البرامج واتخاذ القرارات المتعلقة بخدماتهم، بما يعزز مشاركتهم الفعلية في التخطيط وصنع القرار. كما أوصى بإنشاء مراكز دعم نفسي واجتماعي تقدم استشارات وتأهيل نفسي فردي أو جماعي، وربطها بالمنصة الرقمية لتسهيل الاستفادة من خدماتها عن بُعد. وفي السياق ذاته، دعا الملتقى إلى إطلاق بنك للمواهب يهدف إلى اكتشاف وتنمية قدرات كبار السن من خلال مسابقات وورش فنية وثقافية وحرفية، وتحويلها إلى مشاريع إنتاجية أو ثقافية مدرّة للدخل. كما أوصى بإقامة مسابقات رياضية سنوية مخصصة لكبار السن على غرار الأولمبياد، لتعزيز مشاركتهم الاجتماعية وتشجيعهم على اتباع نمط حياة صحي ونشط. بساتين الخير والتلاقي وأوصى الملتقى بإطلاق مشروع حدائق مجتمعية يديرها كبار السن بالتعاون مع مختلف الفئات العمرية، لتكون مساحات خضراء منتجة ومراكز للأنشطة الاجتماعية والثقافية والتراثية، تعكس روح التعاون بين الأجيال. كما تضمنت التوصيات الدعوة إلى اعتماد سياسات عمل مرنة للموظفين الذين يتولّون رعاية آبائهم من كبار السن، من خلال منح إجازات إضافية أو إتاحة العمل الجزئي عن بُعد بما يتناسب مع احتياجات الرعاية الأسرية. خارطة طريق متكاملة للتطوير وفي ختام الملتقى، أكد الدكتور جاسم الحمادي، مدير إدارة المعرفة بدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، أن التوصيات الصادرة تمثل خارطة طريق متكاملة لتطوير منظومة خدمات كبار السن في الإمارة، مشيرًا إلى أنها تعكس رؤية القيادة الرشيدة في جعل الشيخوخة مرحلة عطاء متجدد ومشاركة مجتمعية فاعلة. حيث تسعى الدائرة من خلال هذه التوصيات إلى بناء نموذج مستدام لتمكين كبار السن، يجمع بين الرعاية والوقاية والمشاركة، ويركّز على الدمج الاجتماعي والاقتصادي عبر أدوات رقمية حديثة تعزّز جودة الحياة وتدعم استقلالية كبار السن. وأضاف؛ نؤمن بأن المجتمع المتوازن هو الذي يستثمر في خبرات جميع أفراده، ويمنح كبار السن الفرصة للمساهمة في مسيرة التنمية كما كانوا دائمًا، وسنعمل على تحويل هذه التوصيات إلى برامج تنفيذية بالتعاون مع شركائنا في مختلف القطاعات، بما يرسخ مكانة الشارقة مدينةً رائدةً في رعاية وتمكين كبار السن.